ودا نص المسرحيه باسلوب قصصي
هـــاملت
امير
الدينمارك وسميت المسرحية بأسمه وهو بطلها – كان عمره ما يقارب الثلاثين
في بداية المسرحية وهو ابن الملكة جرترود والملك هاملت – لديه عم يدعى
كلوديوس ، يظهر على هاملت الكأبة والعنف والتهور والكره الشديد لعمه بسبب
زواجه من أمه الملكة جرترود – اكمل هاملت دراسته الجامعية في بجامعة ويتن
بيرج – اتصف هاملت بالتردد والغموض والحيرة لكنه في بعض الاحيان يشتاق
للنزاع. لديه صديق حميم يدعى هوراشيو وهو راوي القصة.
اوفيليا
إبنة
بولونيوس - الفتاة الرقيقة وحبيبة هاملت وهي التي لا يبارك أباها علاقتها
بـ هاملت، وتتأذى كثيرا من هاملت بعد ان أدعى الجنون وأنه لا يعرفها ( في
محاولته لكشف حقيقة مقتل والده وذلك حتى يخفي نواياه بالانتقام حتى يتأكد
من الحقيقة ) تتصف بالطهر – اصابها الجنون جراء معاملة هاملت لها – غرقت في
النهر وهي تغني ومعها باقة من الزهور والتي كان قد جمعتها.
ليرتس – Laertes
إبن بولونيوس – وأخو أوفيليا – قضى معظم وقته في فرنسا اثناء المسرحية – سريع الغضب
:: شخصيات بسيطة :::
فورتينبراس – Fortinbras
امير النرويج - الملك هاملت (والد هاملت) قتل والده – يأمل فورتينبراس بأخذ الثأر ويهاجم الدينمارك
روزنكرانتز و جايلدينستيم – Rosencrantz and Guildenstern
صديقين لـ هاملت في دراسته الجامعية بجامعة ويتين بيرج تم ارسالهم من قبل كلوديوس و جرترود ليكتشفو اسباب تصرفات هاملت الغريبة
فولتيمان و كومليوس - Voltimand and Cornelius
من حاشية الملك وقد ارسلهم الملك إلى النرويج ليقنع الملك لمنع فورتينبراس من الهجوم على الدينمارك
مرسيلوس و بيرناردو Marcellus and Bernardo
موظفان وأول شخصين قد شاهدوا الشبح وهو يمشي على سور القلعة - مرسيلوس كان متواجد عندما هاملت تحدث مع الشبح.
فرانسيسكو - Francisco
جندي وحارس القلعة
رينالدو - Reynaldo
خادم بولونيوس وقد ارسله إلى فرنسا للتجسس على إبنه ليرتس
الشبح - The Ghost
وهو
شبح والد هاملت الميت – كان الشبح يدعي انه أغتيل من قبل كلوديوس ويطلب من
هاملت الإبن بالأخذ بثأر – يظن هاملت بأن الشبح هذا ما هو إلا شيطان مرسول
له ليخدعه ويغويه لفعل جريمة ما. توفي هاملت , ملك الدنمارك ,وقيل إن أفعى
لدغته عندما كان نائما , ذات يوم , في حديقته . لم يخلفه أبنه , الأمير
هاملت , على العرش , بل أن كلوديوس , الشقيق الأصغر للملك المتوفى أصبح
حاكم الدنمارك الجديد. خلال أسابيع قصيرة من وفاة الملك هاملت , تزوج
كلوديوس من جيرترود الملكة الأرملة , وقد أقيم احتفال زواجه وتتويجه على
أثر مراسم الدفن الملكي .
تأثر الأمير هاملت لموت أبيه المفاجئ ,
وزواج أمه السريع بالأمير كلوديوس تأثيرا عميقا , وبدا أنه لن يشفى من
الكآبة التي غرق فيها. إذ ارتدى الثياب الحالكة السواد واختلى بنفسه وتجنب
الرفاق ورفض المشاركة بنشاط البلاط .
ذكر الحارس الليلي أن طيف
هاملت ظهر في ليلتين متعاقبتين على جدار حصن السينور الملكي وكان مدججا
بالسلاح . سمع هذا الخبر هوراشيو , الصديق الحميم للأمير هاملت , فعرض أن
يشارك في الحراسة ليتأكد من ذلك بنفسه .
قبل منتصف الليل بقليل ,
انضم هوراشيو إلى الحارس فوق جدار الحصن وانتظر الرجال الثلاثة كي تدق
الساعة ز فجأة ظهر طيف الملك الميت بلحيته الرمادية , مدججا بالسلاح . تجرأ
هوارشيو , وكان أكثر شجاعة من الآخرين , على الكلام , فسأل الروح عن
الرسالة الرهيبة التي يحملها من القبر ز لم يقم الشبح بأي حركة في البداية .
بعد ذلك , وما إن أوشك على الكلام حتى انبلج نور الفجر , فصاح الديك واختفى الشبح .
قرر هوراشيو أن يخبر الأمير هاملت في الحال , بعدما اقتنع أن الزيارة على قدر من الأهمية .
كان
هاملت بمفرده غارقا بتفكيره . لقد توسلت إليه والدته كي يبقى في الدنمارك
بدلا من أن يعود إلى دراسته في جامعة ويتنبورغ , فوافق , لكن يأسه كان
عميقا جدا بحيث شعر أن الحياة لا تستحق أن يحياها.
أخذ يتساءل كيف
استطاعت والدته أن تنسى زوجها النبيل بهذه السرعة وهو من أحبها حبا جما ؟
كيف استطاعت الزواج من رجل هو أدنى منها في كل شيء ؟ وبهذه السرعة المشينة ؟
) أيها الضعف أسمك امرأة (
قاطع هوراشيو تلك الأفكار بنبأ الطيف الذي رآه . فكان رد هاملت سريعا :.
سأراقب هذه الليلة ... إذا تأكد لي أنه شخص أبي النبيل , فإني سأخاطبه , ولو فتحت جهنم فاها وأمرتني بالصمت .
طلب
هاملت من الحارس وهوراشيو إبقاء الخبر سريا وحدد موعدا للقائهما في تلك
الليلة . وكان هاجسه أن يكشف عن ذلك السر الغامض , ولكنه كان مدركا أن عليه
التريث حتى منتصف ذلك الليل.
كان الأمير هاملت يتودد إلى أوفيليا ,
أبنه بولونيوس لورد تشامبرلين والمستشار الأول للملك والملكة . كانت
أوفيليا صغيره و رومنسيه , وقد أحس شقيقها ليرتيس _ الذي كان مغادرا إلى
فرنسا بأن عليه تحذيرها من الأمير هاملت ربما يمضي وقتا معها . وأفاد
ليرتيس أنه وإن أحبها حقا , فالأمير الذي يجري في عروقه الدم الملكي لا
يستطيع الزواج ممن يشاء .
وعدت أوفيليا بأن تأخذ تحذيره بعين
الاعتبار , وطلبت برقة , مثلما تفعل الأخوات بأن يكون ليرتيس حذرا أثناء
سفره وأن يعد بألا ينغمس في اللهو و العبث خلال غيابه.
ثم قدم
والدهما بولونيوس إليهما ما يفيد من النصائح . فعدد لولده عددا من
الإرشادات المفيدة ليخطها في ذاكرته ولتبقى دليلا له إلى التصرف القويم .
بعد ذلك ألتفت إلى أبنته كي لا يؤكد تحذيرات ليتريس بشأن الأمير هاملت فقط ,
بل أمرها بعدم قبول هدايا هاملت أو تصديق وعوده مهما بدت صادقه , لأن لا
خير يمكن أن ينشأ عن علاقتهما , وعليا أن تنهيها في الحال , كما يجب أن
تقابله ثانيه.
كانت أوفيليا تحب والدها وتحترمه , فوعدته قائلة : ( سمعا وطاعة يا سيدي )
كان الليل باردا , وقبل منتصفه بقليل , انضم هاملت إلى الحراس فوق جدار الحصن .
وصاح
فجأة :. ( يا ملائكة الرحمة والخير احفظونا !) , إذ انتصب أمامه والده
المتوفى كما وصفه هوراشيو , وقد ارتدى ثياب المعركة , لكنه كان شاحبا جدا ,
وشائبا جدا , ( والحزن يبدو على محياه أكثر من الغضب).
توسل هاملت إليه :
(أيها الملك , والأب , والدنماركي الحاكم ! بالله عليك أجبني ! لا تدعني أنفجر جهلا... فما يعني هذا (
أومأ الطيف إلى هاملت , فتبعه , بالرغم من أن أصدقاءه حاولوا منعه خوفا . وعندما انفردا , تحدث الطيف :
عندما لحق هاملت بالطيف
فتحدث الطيف قائلا:
إن كنت يوما قد أحببت أباك العزيز .... انتقم لمقتله الخسيس اللئيم(
فهتف هاملت مذعورا : (لمقتلك) !
تابع
الصوت يقول : ( اسمع يا هملت . فالقصة التي أشيعت عن موت الملك بأن أفعى
لدغته , لكن الحقيقة هي : أن الأفعى التي اقتنصت الحياة من أبيك تعتمر الآن
تاجه !(
هتف هاملت :. ( يا لنفسي التي تنبأت ! أهو عمي ؟! )
لكنه أدرك أن عليه أن يخطط بمهارة لقتل الملك كلوديوس . كما يجب ألا يعرف أحد بمهمته الأنتقاميه . إنه في حالة عصبية مجهدة
حسن جدا , سيتظاهر بأنه مجنون حقا , عندئذ لن يشك به أحد . ولا ينبغي أن ينبغي أن يعرف سره سوى صديقه الحميم هوراشيو .
وعندما
وجده الحارس وهوراشيو بعد بضع دقائق لم يذكر شيئا مما أخبره به الطيف ,
وأصر على أن يقسما على إبقاء ما رأياه طي الكتمان . وقد ردد صوت الطيف من
أسفل الأرض كلمة : ( أقسما ...)
قال هوارشيو : ( إنه لأمر غريب )
فأجاب هاملت : ( إن في السماء والأرض يا هوراشيو أمورا أكثر بكثير مما تحلم به فلسفتك )
بعد
أيام قليلة , جاءت أوفيليا إلى أبيها وقد أصابها ذعر شديد , إذ تنفيذا
للوعد الذي قطعته , رفضت أن تقابل هاملت أو أن تتلقى منه الرسائل , لكن
هاملت دخل غرفتها شاحبا , مضطربا , أشعث الرأس , وتفحص وجهها عن كثب وأطلق
تنهيدة شفقة , بعدها غادر دون أن ينبس ببنت شفه وهو يحدق إليها .
قلق
الملك والملكة من اضطراب الأمير هاملت العقلي و جنونه الظاهر , وشعرا
بأنهما يشرفان على أمر أعظم من الحزن على وفاة الملك . تأكد بولونيوس أنه
عثر على الجواب . لابد أنه الحب من طرف واحد ! لقد منع بولونيوس أوفيليا من
مقابلة هاملت , فجن حزنا .
وبأسلوبه التفصيلي المعتاد متمثلا
بالمثل القائل : ( خير الكلام ما قل ودل ) , وصف بولونيس للملك و الملكة
كيف صدت أوفيليا هاملت , ونتيجة لذلك بلغ ( في جنونه درجة الهذيان ) وليثبت
ملاحظته اقترح لقاء بين هاملت و أوفيليا في مكان يتسنى سماعهما . فوافق
الملك والملكة .
...............................................................................................................................
بينما
كان هاملت وحيدا في حدائق القصر , يقرأ وهو غارق في تفكيره , تحدث بولونيس
إليه . لم يكن هاملت في مزاج يؤهله الدخول في نقاش طويل مع المستشار
الكثير الكلام , فتخلص منه في الحال . لكن عندما حياه صديقان قديمان من
ويتنبورغ بعد دقائق قليلة , فرح كثيرا لرؤيتهما حتى أنه نسي استغراقه للحظة
.
رحب بهما ببهجة و سأل عما كانا يفعلانه في الدنمارك ( فالدنمارك هي سجن)
أجابا : ( لا نعتقد ذلك يا سيدي)
وكان رد هاملت : إذا ليست سجنا بالنسبة لكما , لأنه ليس هنالك من خير وشر , فالتفكير هو الذي يجعل الأمر كذلك : إنها سجن بالنسبة لي
وفيما
هما يتحدثان , أدرك هاملت أنهما لم يأتيا لزيارته كمجرد أصدقاء , بل أرسل
في طلبها لغرض محدد _ للتجسس عليه ! وهكذا لم يكن وداعه لهما دافئا كترحيبه
بها .
وفي يوم أعلن وصول الممثلين المتجولين – فأظهر هاملت بعض
الود نحوهم مرة أخرى مفعما بالحيوية القديمة لديه . تذكر الممثلين جيدا ,
فحياهم بمرح وطلب من قائدهم أن يريه نماذج عن فنه , وهل كان بإمكانه أن
يتذكر خطبة ما كان هاملت قد سمعه يلقيها ذات مرة ؟ إنها تدور حول موت فريام
, ملك طروادة , وقد تأثر آنذاك بها هاملت كثيرا . تذكر الممثل الخطبة وبدأ
في تلاوتها , فأخذت الدموع تنهمر على وجنتيه , خاصة عندما وصف حزن الملكة
هكيوبة المأساوي لوفاة زوجها بحيث لم يتمكن من إنهاء خطبته . وعندما ذهب
الممثلون إلى غرفهم , لام هاملت نفسه بمرارة . إذ أن ممثلا يقرأ فقط أسطرا
عن مأساة قديمة بكى وتأثر بحزن عميق , لكن هاملت نفسه , لم يفعل شيئا وهو
الذي اغتيل والده وتزوجت والدته القاتل ! لعن سفالة عمه ولعن تردده وعقد
العزم على إعداد الخطة للانتقام فورا .
ثم وقف متسائلا : ألا ينبغي أن
يعثر على دليل قاطع أكثر بأن عمه هو القاتل ؟ لنفترض أن الطيف الذي رآه لم
يكن والده بل روح شريرة أرسلت لتسيء إليه وتلعنه ؟
كيف له أن يعثر
على الدليل المطلوب ؟ ... الممثلون ! سوف يجعل الممثلون يمثلون مأساة يسمم
فيها أحدهم الملك وهو نائم في الحديقة و الذي يسمم له لا يلبث أن يتزوج من
الملكة بعد موته . وأثناء التمثيل يراقب هو كلوديوس بانتباه . عندئذ تكشف
ملامحه في الحال إذا كان مذنبا بارتكابه جرما مشابها.
أخذ الملك
واللورد بولونيوس يراقبان في الخفاء , بينما انتظرت أوفيليا في الحدائق
لمراقبة الأمير . وبعدما عقد العزم على التحدث للممثلين , استغرق هاملت
بالتفكير في المشكلة التي كانت تنهكه , فتساءل كيف يسعه العيش في المأساة
التي تعذبه ؟ ( تكون أو لا تكون , ذلك هو السؤال ) ومع ذلك هل الموت هو
الجواب ؟ هل ينهي الموت حقا كل ذلك ؟ هل من المؤكد أن لا وجود للمعاناة بعد
الموت ؟ لا , ليس هناك شيء مؤكد , وليست هناك أية راحة .
ألقت
أوفيليا التحية عليه وقالت بلطف إنها ترغب في إعادة الهدايا التي أرسلها
لها , فقال هاملت : ( لم أعطك شيئا قط ) بعد ذلك , وفيما كانت الفتاة
المسكينة تنظر إليه باستغراب , أطلق عليها وابلا من الأسئلة .
)أعفيفة أنت ؟ أجميلة أنت؟ ...كنت أحبك يوما (
) كان عليك ألا تصدقيني ... فأنا لم أحبك(
)إذن لقد خدعت(
وكانت نصيحته التالية ( اذهبي إلى صومعة وتنسكي ! اذهبي إلى صومعة وبسرعة أيضا)
بكيت أوفيليا عندما غادر هاملت وقد اقتنعت بأن أميرها فقد صوابه : ( وا حسرتاه على عقل نبيل قد هوى !(
لكن
الملك الذي كان يستمع اقتنع بأن هاملت لم يكن مجنونا , وأن لكلماته
وتصرفاته معنا شريرا . و أوحى بولونيوس إلى أن الأمير يمكنه أن يفضي
بالحقيقة إلى أمه وأنها قد تطلب منه المجيء إلى غرفتها بعد المسرحية .
ويكون بولونيوس مختبئا في الغرفة يراقب ويدلي بما يراه . وافق كلوديوس ,
لكنه كان واثقا من أن هاملت كان خطيرا وصمم على إبعاده _ إلى إنكلترا _ في
الحال .
أوشكت المسرحية على البدء . وكان هاملت قد درب الممثلين ,
وأصبح كل شيء جاهزا . وهوراشيو, الإنسان الوحيد الذي عرف سره , سيراقب
بدوره وجه الملك خلال المشهد الحيوي , وسيقارن الصديقان ملاحظاتهما بعد
المسرحية .
تجمع الضيوف , وجلس هاملت المرح الكثير الكلام مع
أوليفيا مقابل الملك و الملكة . بدأت المسرحية , فانتظر هاملت بحماس مشهد
دس السم ... كان على حق ! إذ قفز الملك كلوديوس وطلب إنارة الضوء , ثم
أندفع خارج القاعة . إن توتره أثبت جرمه . فهتف هاملت : ( يا هوراشيو
الصالح ! سأدفع ألف دينار عما قاله الطيف ...)
ثم ذهب للقاء والدته في الموعد المحدد .
في
منتصف الليل , أشتد تأثر هاملت إلى درجة الحمى , فعمه مذنب و سيأخذ بالثأر
. سوف يقتله الآن . لكنه ذكر نفسه بأن عليه ألا يعاقب والدته إذ منع والده
ذلك .( سأكلمها وستكون كلماتي خناجر تقطع أوصالها )
اتجه إلى غرفة
أمه , ولكن قبل أن يصلها رأى كلوديوس يصلي . كان كلوديوس راكعا وقد أدار
ظهره . إنها فرصة هاملت . لكنه تردد ثانية . فإن مات عمه الآن , أثناء
الصلاة . فإن روحه الطاهرة حديثا سترحل إلى السماء . من الأفضل قتله في وقت
تتراكم في ضميره الآثام , بحيث تعاني روحه , مثل روح الملك المتوفى , من
عذاب الجحيم .
وهكذا ترك هاملت كلوديوس , و ذهب إلى حجرة الملكة حيث كان بولونيوس مختبئا وراء ستارة جاهزا للاستماع ولنقل ما يسمعه .
كانت
الملكة جيرتورد قاسية مع ابنها , فأخذت تلومه للتسبب في إثارة الملك .
وكان هاملت قاسيا بالمثل وكادت جيرتورد تنهي المقابلة بعدما نفد صبرها ,
لكن هاملت لم يكن ليذهب , فصرخت جيرتورد بذعر (النجدة النجدة) عندما أمسك
ذراعها بعنف وأجبرها على الجلوس والاستماع إليه .
يصدر صوت من وراء
الستار و يظن هاملت أنه صوت عمه يتجسس عليهما خفية, فيطعن من خلف الستار
بعنف, إلا أنه يكتشف أنه قد طعن و قتل بولونيوس, مستشار الملك, لكن هاملت
الذي أصبح في حالة عصبية شديدة لم يكترث له . عليه ألا يضيع الوقت . على
والدته أن تصغي إلى ما ينبغي أن يقول . هو قتل بولونيوس , أما هي فقد قتلت
ملكا .
قال لها ( كفاك عصرا ليديك , ودعيني أعصر قلبك ...)عندما قال هاملت لوالدته
(كفاك عصرا ليديك , ودعيني أعصر قلبك ...)
==================================
وبدأ
هاملت يعبر للملكة المنتحبة عن عار وعذاب شعر بهما لتحولها عن نبل ومجد
أبيه الملك هاملت إلى خيانة ومكر عمه كلوديوس الوضيع , ( ملك من مزق ورقع
).
بكت جيرترود طيلة الوقت وهي تتوسل إلى هاملت ليكف عن مهاجمتها
بكلماته القاسية , لكنه لم يستطع الكف عن ذلك . فجأة برز طيف الملك هاملت
لينذره بأن كلوديوس هو من يجب معاقبته لا الملكة جيرترود . تحدث هاملت إلى
طيف أبيه , و عندما رأت جيرترود ابنها يتحدث مع شيء غير مرئي , أدركت بأنه
مجنون تماما , وحاولت أن تهدئه .
طمأنها هاملت بأن ( ذلك ليس جنونا
...) لكنه رد على عطفها الحزين بفيض من الحب والالتماس , متوسلا إليها أن
تلجأ إلى التوبة , وأن تفكر بزوجها المتوفى وتحيا حياة أكثر طهارة , فلا
تسمح لزوجها الجديد أن يقترب منها .
ثم أخبرها : ( يجب أن أقسو كي أكون رحيما ) وأخيرا تمنى لها ليلة سعيدة وتركها لدموعها .
وفي
غمرة حزنها الشديد , أخبرت جيرترود كلوديوس عن جنون هاملت و مقتل بولونيوس
. فأدرك كلوديوس في الحال أنه كاد يكون هو نفسه الضحية وأن هاملت شكل
تهديدا مباشرا لسلامته . ومع ذلك ينبغي أن يتوخى الحذر لأن الأمير محبوب
جدا في الدنمارك و سيبرز احتجاج عنيف لو حدث له أي مكروه .
يجب عليهم
تجنب الفضيحة وإخفاء موت بولونيوس وأن يبعدوا هاملت إلى إنكلترا على الفور .
وافقت جيرترود على ذلك كله . لكن كلوديوس خطط مع رفاق هاملت في الرحلة أمر
تنفيذ ترتيبات سرية لقتله فور وصوله إلى إنكلترا , وذلك دون علمها .
سر
هاملت لمغادرته الدنمارك , حيث نسي عبء انتقامه للحظه , لكن ذلك لم يدم
طويلا . فعلى مسافة قصيرة من السينور , وعلى الطريق إلى ساحل , واجه مع
رفاقه جيش فورتنبراس أمير النروج . كان فورتنبراس ذاهبا لمهاجمة بولندا
بسبب خلاف حول ( رقعة ارض صغيرة .. قدر قشة ) . لم تكن الأرض ذات قيمة
كبيرة , لكن المسألة تطال الشرف , وكان فورتنبراس يخاطر بحياته وحياة
الآلاف الآخرين من أجل ذلك . لام هاملت نفسه مرة ثانية , فأين شرفه ؟ لماذا
لا يزال هو على قيد الحياة و لم يأخذ بعد بثأر أبيه ؟
عانت عائلة
أوليفيا من الصدمة أثر الأخرى . فأخوها بعيد _ والآن توفي والدها فجأة و
بشكل غامض . و في غمرة هذا الحزن الثقيل و الشديد اختل عقلها . فأخذت تتجول
في الحقول تجمع الأزهار و تنثرها على الأرض و كأنما تنثرها على قبر ,
وتغني مقاطع من أغنية نظمت فيها مقاطع محزنة تتحدث عن موت والدها .
سمع
ليرتيس بنبأ وفاة والده والطريقة السريعة السرية التي دفن فيها , فقفل
عائدا ثائرا من فرنسا للانتقام . وعندما سمع من كلوديوس كيف قتل بولونيوس و
كيف دفعت أوفيليا إلى الجنون , ثارت ثورته ولم يعرف جنوده حدودا . فسأل
لماذا لم يعاقب القاتل في الحال , فقال له كلوديوس , إن الملكة مولعة جدا
بابنها بحيث تمنع اتخاذ أية إجراءات من شأنها التسبب بمزيد من الحزن لها ,
كما أن شعبية هاملت بين الناس أسفرت عن مزيد من التقييدات.
لكنه طمأن
ليرتيس بأن الأمير سينال عقابه و أوشك أن يفضي بالسر الكامن وراء إرسال
هاملت إلى انكلترا . في هذه الأثناء وصل رسول حاملا رسالة من هاملت نفسه
يقول فيها إنه عائد إلى السينور في غضون الأربعة وعشرين ساعة .
أدرك
كلوديوس أن خطته الأولى للتخلص من الأمير قد فشلت . فاقترح خطة جديدة في
الحال . فقد رغب ليرتيس في الأخذ بثأر أبيه . فليتحدى هاملت في دورة مبارزة
. إذ أن هاملت المعروف ببراعته الفائقة بالمبارزة بالسيف , عبر عدة مرات
عن رغبته في المبارزة مع منافس ماهر مثله , وباستطاعة ليرتيس إزالة الطبقة
الواقية لحد السيف , وقتاله بالحد المكشوف فيقضي على هاملت _ و هكذا يبدو
أن القتل حدث صدفة .
................................................................................................................................
و
في غمرة مرارته وافق ليرتيس في الحال , حتى أنه اقترح فكرة أفضل . فهو
سيشبع طرف السيف بالسم حتى إذا ما خدش هاملت فقط يكون الجرح مميتا .
فرح
كلوديوس لهذا التجاوب السريع و لم يتردد في اقتراح ضمان أخير . إذ سيجهز
شرابا ساما . فإن فشلت كل المحاولات , سيضمن كلوديوس أن يتلقى هاملت الشراب
السام عند توقف المبارزين لتناول المرطبات خلال الجولات .
حينئذ قاطعتهما الملكة الباكية وهي تحمل نبأ مأساة أخرى . فقد غرقت أوفيليا .
أخبرتهما
أن هنالك صفصافة تنموا بانحراف فوق الجدول , تسلقت أوفيليا الصفصافة لتعلق
أكاليل الزهر.فانكسر غصن متدل و سقطت أوفيليا إلى الماء وهي تغني مقاطع
صغيرة من أغنيتها ثم طافت في اتجاه مجرى النهر إلى أن ابتلعتها المياه
أخيرا .
قابل هاملت صديقه هوراشيو و أخبره كيف قبض عليه القراصنة و
أعادوه إلى الدنمارك , بينما تابعت السفينة إبحارها إلى إنكلترا . لكنه
اكتشف خطة كلوديوس لقتله وأدرك أن عليه التصرف بسرعة .
وفي الطريق إلى
قلعة السينور , مر الصديقان عبر باحة معبد حيث كان حفار قبور يجهزان لمأتم و
يحفران لقبرا جديدا , و كانا يتبادلان النكات وهما يزيلان التراب والعظام
والجماجم و يلقيان بها جانبا . توقف هاملت للتحدث إليهما و قد أدهشه
أسلوبهما الواقعي اتجاه الحياة والموت .
أخذ يراقب عندما التقط
أحدهما جمجمة وقال أنها جمجمة مهرج الملك , يوريك . كان هاملت يذكر يوريك
جيدا , فتذكر مرة أخرى مدى قصر وتفاهة الحياة . قال و هو يتفحص الجمجمة : (
وا حسرتاه على يوريك المسكين . كنت أعرفه يا هوراشيو , رجلا لا حد لمرحه و
لا يضاهى في براعته)
دخل موكب جنائزي إلى باحة المعبد , فوقف هاملت و
هوراشيوا جانبا لأن الموكب ضم الملك و الملكة وليرتيس . فتساءلا : من مات ؟
بعد ذلك عندما نثرت الملكة الأزهار على الجثة وقفز ليرتيس إلى القبر
المفتوح ليقبل أخته قبلة الوداع , لم يستطع هاملت تمالك نفسه أكثر من ذلك .
إن أوفيليا هي التي ماتت ! لم يعرف كيف ماتت أو لماذا شتمه ليتيس , لكنه
قفز بدوره إلى القبر وهو يحتج .
) لقد أحببت أوفيليا أكثر مما يحبها أربعون ألف أخ فلو جمعوا حبهم لها لن يساوي مقدار حبي(
كاد
ليرتيس أن يقضي على هاملت هناك , لكن الموجودين فرقوا الرجلين المتخاصمين ,
وعندما ذكر كلوديوس ليرتيس بهدوء أنهما اتفقا على خطة معينة , حاول ليرتيس
أن يهدئ من روعه .
بذل هاملت جهده أيضا ليهدأ وليعود إلى طبيعته ,
وبعد ذلك , أحضر موظف في البلاط رسالة من الملك يقترح فيها إقامة مبارزة
ودية مع ليرتيس , فوافق في الحال .
و مرة أخرى راوده نذير بوقوع مأساة . فهناك شيء ما جعل قلبه مثقلا, فاقترح هوراشيو تأجيل المباراة , لكن هاملت رفض .
استعد
المتبارزان , واجتمع كلوديوس وجيرترود وحاشيتهما بترقب لمشاهدة المتبارزين
. ضم الملك يدي ليرتيس و هاملت تعبيرا عن الصداقة , فقدم هاملت _بصراحة
وصدق _ العذر للأذى الذي تسبب به لـ(أخيه ) بتصرفه الأحمق.
بدأت
الجولة , فقام هاملت بالضربة الأولى ثم بالضربة الثانية . ومن شدة الفرح
لرؤية أبنها المحبوب وقد استعاد عافيته و أخذ يبارز بشكل ممتاز , التقطت
الملكة قدح نبيذ لتشرب نخب نجاحه . إنه القدح المسمم _ لقد شربته قبل أن
يتمكن الملك من منعها . احتدمت المبارزة أكثر , وحقق ليرتيس ضربة _ فالتحم
هاملت مع خصمه و قد أخذته الدهشة لشراسة الهجوم وخاصة انه نزف من جرح ,
فأوقع كل من الرجلين سيفه أثناء القتال , وصدف أن استبدلاهما عند التقاطهما
. بعدها هاجم هاملت بعنف أيضا , وحقق ضربته الثالثة _ لكن هذه المرة
بالسيف المفتوح المسمم , فأخذ ليرتيس يترنح .
أحست الملكة بالمرض , فقال
الملك بسرعة : لقد أغمي عليه لرؤية النزيف ,لكن الملكة قالت لاهثة : لا ,
لا , الشراب , الشراب ... أوه يا عزيزي هاملت ! الشراب , الشراب , لقد سممت
!
هتف هاملت : يا للغدر ! ابحثوا عنه !
فقال ليرتيس المحتضر : إنه هنا يا هاملت
أنت
في قبضة المنية , لم يبق لك إلا نصف ساعة من الحياة , وسلاح الغدر في
قبضتك مسموم غير مفلول ... وأمك سممت لا أستطيع أكثر ... الملك ... الملك ,
هو الملوم .
نظر هاملت إلى السيف في يده .
والحد مسموم أيضا ! إذن عليك به يا سم !
واندفع بقوة طاعنا الملك وبعد ذلك وكأنما لم يكن طعنه كافيا , دفع بعنف ببقايا الشراب المسموم في فمه . أخذ بثأر أبيه أخيرا .
همس ليرتيس بالكلمات : لنتبادل العفو يا هاملت النبيل , ثم سقط ميتا .
قال
هاملت لاهثا : سأتبعك لكن هوراشيو المخلص لم يشأ العيش دون صديقه , وكاد
يشرب من القدح المسموم , فاستطاع هاملت أن يمنعه قائلا : إني أموت يا
هوراشيو . فاروي عني وعن قضيتي الحقيقة ...
صدحت الأبواق .فقد كان
الأمير فورتنبراس عائدا مظفرا من بولندا وجاء ليقدم احترامه لملك الدنمارك .
لكن لم يكن للدنمارك ملك ولا خليفة مباشر له . وقد سمي هاملت وهو يلفظ
أنفاسه الأخيرة فورتنبراس الشاب الشجاع ليتولى الخلافة على عرش الدنمارك ,
ثم رقد بسلام بعدما قال الراحة في السكوت.
هوراشيو - راوي القصة
Hamlet