حسام حامد عضو مبدع
الابراج : عدد المساهمات : 430 تاريخ الميلاد : 10/01/1990 تاريخ التسجيل : 10/01/2010 العمر : 34 العمل/الترفيه : طالب علم دين ودنيا
| موضوع: قصة أخرى من تأليفي (( الأب ..!!)) الثلاثاء أبريل 13 2010, 17:07 | |
| اليوم وبعد مرور خمس سنوات بالتمام والكمال على وفاة زوجتى وبعد إنجابها ابنى الوحيد ، وموتها بعد ولادته بشهور وتركته لى مضغة فى لفة كبيرة ، حملت الهم على تربيته وقد تيقنت أن علىّ تحمل كل الإغراءات من أجل سعادته ، وكثيرا ما جلست وحيدا فى الشرفة وقد بزغ البدر بنوره الفضى الرائع أفكر فى تربية ابنى ، فليس من السهل أبدا أن أربى ابن صغير لا زال يرضع ، فلو كانت التربية تقتصر على الطعام والكساء والشراب لهانت على كل أب بالتأكيد ، ولكن الأمر أخطر بكثير ، وقد يظن البعض أن الإتيان بمرضعة أو الزواج بامرأة تكون له الصدر الحنون والقلب الرؤوم هو حل المشكلة ، ولكنى لست ممن يميلون أبدا بالزواج من امرأة أخرى تربى ابنى وتكون له أم ، ولمَ لا وهى لم تحمله فى رحمها ولم تعانى آلام حمله ، فكل ما ابتغيته من الدنيا أن يرزقنى الله بابن لى ، لا ليحمل اسمى واسم عائلتى ولكن لأننى كنت دائما فى حاجة إلى من يشاركنى الدنيا بمتاعبها ، هذا عندما علمت أن زوجتى الضعيفة لن تحتمل أبدا الحمل وقد نصحتها بإسقاط الطفل خشية عليها وحفاظا على صحتها ، ولكنها رفضت تماما مجرد التفكير بالأمر فلقد كانت تعلم مدى حبى لطفل وكانت تعلم أيضا أنها عندى أفضل من هذا المولود ولأن حبها لى طغى على عقلها فقد صممت على أن تلد لى الطفل وتدخل السرور إلى قلبى . اليوم وفى ذكرى زواجنا أحتفل أنا وابنى بهذا اليوم ، وطوال تلك السنين لم أتوقف عن الحديث عن أمه وعن حبها ورقتها ، حتى أورثه الحب والحنان الذين فقدهما منذ مولده ، إنه الآن يعنى لى كل الدنيا ، لا يوجد جاه أو سلطة أو مركز مرموق يأخذنى بعيدا عنه أو الاهتمام به . ولقد ظننى البعض أننى أبالغ فى تربيته واهتمامى به ، ولكننى كنت ولا زلت لا أبالى بكلام الناس أبدا فأنا أفعل ما يمليه علىّ ضميرى ودينى وواجبى ، والآن أنا أبث فى ولدى كل ما هو جميل فىّ ، وأنهره عما أفعله ولا يرضينى ، كشرب السجائر التى تعلمتها من صغرى على يد أصدقاء السوء ، ولا أستطيع الإقلاع عنها أبدا . ولقد كان من آيات اهتمامى بتربية ابنى أن أقرأ له كل يوم قصة قبل النوم حتى يعتاد على القراءة وأنمى فيه هذه الموهبة ، صحيح أننى لم أكن أبدا ممن يحبون القراءة ولا يجيدونها _ على الرغم من أننى أستاذ فلسفة _ إلا أننى علمت أن القراءة غذاء العقل والروح تماما كما قرأتها على إحدى لافتات مكتبة المدرسة ؛ ولأننى لم أكن من هواة القراءة والمطالعة ، وليس لدى أدنى فكرة عن قصص الأطفال فلقد بدأت بقراءة القصص المثيرة الخيالية والتى تحمل دائما مغزى وهدف يعلم ابنى كل يوم شئ مثل الصدق والأمانة وحب الخير ، وقد بدأت قراءاتى بقصص شهرزاد الرائعة والتى حلمت فى طفولتى بقراءتها ولكن كره أبى للقراءة حال دون ذلك . ولقد واجهتنى مشاكل جمة بسبب قراءتى لتلك النوع من القصص خاصة فى عملى ، فلقد كنت يوميا أشترى أعدادا هائلة من تلك القصص ، ولا يحلو لى قراءتها إلا فى المدرسة بين الحصص وأمام زملائى الأساتذة والذين كانوا يخجلون من الجلوس معى ؛ لأنى ببساطة شديدة كالأطفال أقرأ قصصهم و أتابع سلوكهم وردود أفعالهم وردود أفعال أولياء أمورهم ، هذا فقط لأتعلم كيف اتعامل مع ابنى بالبيت فأنا لم ولن أقرأ أمامه هذه القصص ولا أدرى لماذا ؟ ، ربما كنت أخجل من أن يعرف ابنى أن والده يقرأ هذه القصص التى لا تليق به _ على قول الزملاء _أم لأننى لم أكن أريده يعلم أننى لا أحب القراءة وإنما أفعل ذلك من أجله فقط .....حقيقة لا أدرى ؟! لطالما سخر زملائى بالعمل من أفعالى هذه وهم الذين كانوا يجدون فىّ القدوة الحسنة قبل ذلك ، أما الآن وبعد أن أصبحت هكذا بل وأكثر من ذلك ؛ لأنى لم أحتمل سخريتهم هذه وطفح الكيل بى ، فجئت ذات يوم وأنا أستشيط غضبا وحنقا ، وثرت فى وجوههم قائلا : _ ما لكم قد أصبحتم هكذا ...أتسخرون منى لأنى أقرأ قصص الأطفال ، وما أدراكم أنتم ما يشغل بالى ، جميعكم يعلم أنى أمقت القراءة جدا ، ولعل هذا ما دعاكم إلى الدهشة والسخرية منى ، ولكنى يجب أن أخبركم لما أفعل كل هذا ، لمَ أقرأ هذه القصص ، أأقرأها لجمال أسلوبها أو لتمضية الوقت بها أو لأفرغ شحنات الهموم والمتاعب بها ؟! لا ....لم أفعل ذلك من اجل هذه الأغراض الثانوية ....ولكنى أفعلها لغرض أسمى وأعمق من ذلك بكثير ، أفعلها من أجل ابنى ....نعم من أجله فقط ، ولا تجعلوا الدهشة والحيرة تسيطر عليكم ؛ لأنى ببساطة أبصرت بما لم يبصر به أحد منكم ، عرفت أن الطريق الوحيد لعالم الطفل الصغير هو مطالعة أسراره وكبح غموضه وهذا بقراءة الكثير عن الأطفال وكيفية تربيتهم دينيا وعقليا واجتماعيا ، عرفت أننى بهذا أقرب المسافة الشاسعة التى بينى وبين ابنى ، أكون له صديق لا أب يطبق أوامره وينفذها خوفا منه أو احتراما له ، والآن بعد أن علمتم لما فعلت هذا أعتقد أننى لم أخطأ فى تصرفاتى ولا أستحق مجرد نظرة سخرية من أحد فيكم ." ونظر الجميع إلى فى دهشة بعد تلك الخطبة العصماء التى قلتها فى وجوههم دون خجل أو حياء ، وفجأة دوى فى المدرسة بأسرها تصفيق حار شديد ، فلم أكن أحدث زملائى فقط بل كل المدرسة، وكل هنا تعنى الكل الناظر والوكيل والموجهين والأساتذة والتلامذة و .... الفراشين ... عدت إلى منزلى وقد ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتى فلقد انزاح عن كاهلى حمل ثقيل وعبء طالما شغل بالى وربما أخذنى قليلا عن ابنى . وفى الصباح ذهبت إلى المدرسة منشرح الصدر والقلب وقد امتلآ بالبشر والفرحة ، ولكن ما أن وطأت بوابة المدرسة بقدمى حتى أذهلنى ما رأيت حتى أننى ظللت واقفا متسمرا بمكانى لدقيقة كاملة وقد فغر فاه عن آخره ..... ففراش المدرسة يجلس بجوار تلميذ يقرأ له قصص أطفال ، بل والأساتذة جميعا كل من كان فى استراحة كان يقرأ قصص أطفال وقد انهمكوا فى قراءتها حتى أنهم لم يشعروا بدخولى المدرسة ، أما أنا فقد دخلت حجرتى وقد شملنى الصمت لربع ساعة كاملة وبعدها استلقيت على مقعدى لا من التعب ولكن من الضحك ...... ((تمت بحمد الله وتوفيقه )) *** حســــــام حــــــامد ***
| |
|
ندي الصباح عضو نشيط
الابراج : عدد المساهمات : 82 تاريخ الميلاد : 14/07/1989 تاريخ التسجيل : 31/12/2009 العمر : 35 الموقع : ابن الدلتا العمل/الترفيه : طالبه
| موضوع: رد: قصة أخرى من تأليفي (( الأب ..!!)) الثلاثاء أبريل 13 2010, 17:55 | |
| بجد روعه
الابداع عنوانك
فكلمه مبدع قليله بحقك
اخوي
تسلم
ودام ابداعك | |
|
ملك عضو متالق
عدد المساهمات : 117 تاريخ التسجيل : 31/03/2010
| موضوع: رد: قصة أخرى من تأليفي (( الأب ..!!)) الثلاثاء أبريل 13 2010, 18:46 | |
| راقت لي كلماتك وهمسك... حفظك الباري اينما كنت | |
|
حسام حامد عضو مبدع
الابراج : عدد المساهمات : 430 تاريخ الميلاد : 10/01/1990 تاريخ التسجيل : 10/01/2010 العمر : 34 العمل/الترفيه : طالب علم دين ودنيا
| موضوع: رد: قصة أخرى من تأليفي (( الأب ..!!)) الأربعاء أبريل 14 2010, 16:44 | |
| شكرا لكم على مواضيعكم وردودكم الرائعة وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم بي دائما وأبدا وانتظروا الجديد على المدونة الخاصة بي ان شاء الله تعالى في القريب العاجل وسأعلن عنها عندما انتهي منها وانتظروا العمل القادم حياة بلا حرمان | |
|