لماذا خلق الإنسان؟
==================
لماذا خلقت في هذه الحياة؟
ولماذا ميزت على سائر الكائنات الأخرى؟
وما مهمتي فوق الأرض؟
فالجواب عنه عند المؤمنين حاضر: إن كل صانع يعرف سر صنعته لماذا صنعها؟ ولماذا صنعها على نحو معين دون غيره؟
والله ـ تعالى ـ هو صانع الإنسان وخالقه ومدبره أمره، فلنسأله: يا رب لماذا خلقت هذا الإنسان؟ هل خلقته لمجرد الطعام والشراب؟ هل خلقته للهو واللعب؟ هل خلقته لمجرد أن يمشي على التراب ويأكل مما خرج من التراب، ثم يعود كما كان إلى التراب، وقد ختمت القصة؟ هل ليعيش تلك الفترة القصيرة المعذبة ما بين صرخة الوضع أنة النزع؟ إذن فما سر هذه القوى والملكات التي أودعتها الإنسان من عقل وإرادة وروح؟
وسيرد الله على تساؤلنا بما بين لنا في كتابه ـ كتاب الخلود ـ أنه خلقه ليكون خليفة في الأرض ـ وهذا واضح في آدم وما كان من تمني الملائكة لمنزلته (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون).
وأول شيء في هذه الخلافة أن يعرف الإنسان ربه حق معرفته ويعبده حق عبادته قال تعالى: (الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن، لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) وفي هذه الآية جعلت معرفة الله هي الغاية من خلق السموات والأرض.
ويقول تعالى: (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون، إن الله هو الرازق ذو القوة المتين).
وفي بعض الآثار القدسية يقول سبحانه: (عبادي إني ما خلقتكم لأستأنس بكم من وحشة ولا لأستكثر بكم من قلة، ولا لأستعين بكم من وحدة على أمر عجزت عنه، ولا لجلب منفعة ولا لدفع مضرة، وإنما خلقتكم لتعبدوني طويلا وتذكروني كثيرا وتسبحوني بكرة وأصيلا).
إن المتأمل في هذا الكون الذي نعيش فيه يرى كل شيء فيه يحيا ويعمل لغيره، فنحن نرى أن الماء للأرض، والأرض للنبات، والنبات للحيوان، والحيوان للإنسان، والإنسان لمن؟ هذا هو السؤال.
والجواب الذي تنادي به الفطرة، وتنطق به مراتب الكائنات في هذا الكون: أن الإنسان لله.. لمعرفته.. لعبادته.. للقيام بحقه وحده، ولا يجوز أن يكون الإنسان لشيء آخر في الأرض أو في الأفلاك، لأن كل العوالم العلوية والسفلية مسخرة له، وتعمل في خدمته كما هو مشاهد، فكيف يكون هو لها أو يعمل في خدمتها؟
ومن هنا كانت عبادة الإنسان لقوى الطبيعة ومظاهرها من فوقه ومن تحته، كالشمس والقمر والنجوم والأنهار والأبقار والأشجار ونحوها، قلبا للوضع الطبيعي، وانتكاسا بالإنسان أي انتكاس!!
والإنسان إذن بحكم الفطرة ومنطق الكون، إنما هو الله سبحانه لا لغيره، لعبادته وحده، لا لعبادة بشر ولا حجر، ولا بقر ولا شجر، ولا شمس ولا قمر، وكل عبادة لغير الله إنما هي من تزيين الشيطان عدو الإنسان