[size=21]تسمعون كل يوم أحاديث في الجد والهزل وفي الخير والشر
وأحاديث تسمو بالخلق
وأحاديث فيها متعة وفيها تسلية
ولكن حديث اليوم هو من أهم الأحاديث
لأنه أمس الموضوعات بكم
وأقربها إليكم
ولأنه دعوة لتعرفوا أنفسكم
وقد يقول أحدكم : ومن منا لا يعرف نفسه ؟؟؟
ومتى تعرف نفسك وأنت من الصباح إلى المساء مشغول عنها
بحديث أو عمل أو لهو أو كتاب !!!
ومتى تعرف نفسك وأنت لا تحاول أن تخلو بها ساعة كل يوم تفكر فيها
وأنت أبداً تفكر في الناس كلهم إلا نفسك
ولقد كنت يوماً طفلاً ثم صرت شاباً !!!
فهل خطر على بالك أن تسأل : هل هذا الشاب هو ذلك الطفل ؟
وإذا كانا شخصين مختلفين فأيهما أنا ؟
يعصف بنفسك الغضب حتى ترى اللذة في الأذى والمتعة في الانتقام
وتغدو كأن سبعاً حلّ فيك
ثم يسكت الغضب
فتجد الألم فيما كنت تراه لذة والندم على ما كنت تتمناه
وتقرأ كتاباً أو قصة فتحس كأن قد سكن قلبك ملَك
فطرت بغير جناح إلى عالم كله خير وجمال
ثم تدع الكتاب فلا تجد في نفسك ولا في الوجود أثر من ذلك العالم
فهل تساءلت مرة .... ما أنا من هؤلاء ؟؟؟
كشفت مجاهل البلاد وعرفت أطباق الجو ولا تزال أنت مخفياً ؟
فهل حاولت مرة أن تدخل إلى نفسك فتكشف مجاهلها ؟؟؟
نفسك عالم عجيب يتبدل كل لحظة ويتغير ولا يستقر على حال
تحب المرء فتراه ملكاً , ثم تكرهه فتبصره شيطاناً
وما ملكاً كان ولا شيطاناً وما تبدل ولكن تبدلت حالة نفسك
وتكون في مسرة فترى الدنيا ضاحكة
حتى إنك لو كنت مصوراً لملأت صورتها على لوحتك بزاهي الألوان
ثم تراها وأنت في كدر باكية قد غرقت في سواد الحداد
وما ضحكت الدنيا قط ولا بكت ولكن كنت أنت الضاحك الباكي !!
وتكون وانياً واهي الجسم لا تستطيع حراكاً
فإذا حاق بك خطر أو هبط عليك فرح وثبت كأن قد نشطت من عقال
وعدوت عدو الغزال
فأين كانت هذه القوة كامنة فيك ؟
هل خطر على بالك أن تبحث عن هذه القوة فتحسن استغلالها ؟
هل تساءلت مرة عندما تغضب أو تفرح فتفعل الأفاعيل
كيف استطعت أن تفعلها ؟
*******
إن النفس كالنهر الجاري لا تثبت قطرة منه في مكانها
ولا تبقى لحظة على حالها
تذهب ويجيء غيرها تدفعها التي هي وراءها وتدفع هي التي أمامها
فابتغ لنفسك الكمال أبداً واصعد بها إلى الأعالي
اعرف نفسك واخل بها
ولا تنس أنه من عرف نفسه عرف ربه
وعرف الحياة وعرف اللذة الحق التي لا تعدلها لذة
وإن أكبر عقاب عاقب به الله من نسوا الله
أنه أنساهم أنفسهم !!! [/size]"وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ