كتب د. محمد العريفى
اولا : قصة المليونير
كان صاحبى رجلا صالحا .. ربما قرأ الرقية الشرعية أحيانا على بعض المرضى .. قال لى : رن جرس هاتفى يوما .. فاذا ابن أحد كبار التجار .. يقول : ياشيخ والدى مريض .. ونرغب فى مجيئك لزيارته وقراءة الرقية الشرعية عليه .. ذهبت الى هناك ..فاذا قصر منيف .. تتفجر النعمة من جدرانه .. قابلنى اولاده رحبوا بى .. الترف ظاهر فى وجوههم .. سالتهم عن مرض ابيهم .. فقال لى احدهم : أبى كان مصاب بتليف فى الكبد .. واكتشفنا قبل أيام أنه بدأ معه سرطان فى الدم .. وقد حدثنا الطبيب أن التقارير الطبية تشير الى انه لم يبقى له فى الدنيا الا أيام معدودات .. والعلم عند الله سبحانه وتعالى ..مضيت أمشى معهم الى أبيهم ..فلما كدنا ان ندلف اليه .. جبذنى أحدهم وقال : ياشيخ .. عفوا نسينا أن نخبرك .. أبونا لا يعلم بحقيقة مرضه .. فانه لما سالنا عن نتيجة التحاليل .. خشينا ان يشتد حزنه .. او يزداد مرضه .. فقلنا له انه مصاب بالتهابات فى البطن .. عن قريب تزول .. توكلت على الله .. ادخلونى على ابيهم .. فاذا غرفة فارهة .. فيها سرير عليه رجل قد تجاوز الخمسين بقليل .. تبدو عليه اثار النعمة .. مريض لكن جسمه لا يزال متماسكا .. صافحته برفق .. ثم جلست عند راسه .. جلس اولاده حوله .. فالتفت اليهم وامرهم بالخروج .. خرجوا واغلقوا باب الغرفة وابقيت انا وهو .. فخفض راسه وظل ساكتا قليلا .. ثم استعبر وبكى .. التفت الى ودموعه تجرى على خديه .. وقال أأأأه ياشيخ .. قلت ما بالك ؟؟ قال : هذه الدنيا التى اجمعها منذ ثلاثين سنة .. حتى تشاغلت عن صلاتى .. وقراة القران .. ومجالس الذكر ..وكلما نصحنى احد وقال : يافلان .. التفت لاخرتك .. صلاة الجماعة .. صيام النوافل .. تربية اولادك .. ختم القران .. قلت له : انا ساجمع المال حتى يصل عمرى الستين .. فاذا بلغت الستين .. اعطيت لنفسى تقاعدا من الاعمال .. واوكلتها لغيرى .. واشتغلت بقية عمرى فى انفاق ما جمعت .. والعبادة ..والان كما ترى هجم على ماترى من المرض الذى يزداد سوءا يوما بعد يوم ..ثم اشتد بكاؤه .. فقلت : ابشر بالخير ستشفى باذن الله .. وتتعبد كما تريد وحتى لو قضى الله عليك موتا .. فكلنا سنموت .. ومالك سينفعك بعد موتك .. واولادك لن ينسوك .. سيبنون لك المساجد ويكفلون الايتام .. ويتصدقون عنك .. ويدعون لك .. و .. فصرخ بى قال : خلااااص .. يكفى .. واخذ يبكى كالصغير .. ويردد .. اولادك يتصدقون عنك ؟؟ يبنون مسجدا ؟؟ .. انت ماتعرف هؤلاء الانجاس قلت : لم .. قال : اولادى هؤلاء الذين يظهرون المحبة لى والشفقة على .. كانوا البارحة مجتمعين عندى ..فطال جلوسهم واردت ان يخرجوا .. فاظهرت لهم انى نائم .. واغمضت عينى وبدات بالشخير .. فظنوا اننى نائم فعلا .. فلم تمض دقائق .. حتى بداوا يتكلمون عن اموالى , وكم سينال كل منهم من ميراث ؟؟ .... وكلهم جهال فى قسمة المواريث .. فاختلفوا .. واشتد نقاشهم .. حتى اختصموا على عمارة لى فى موقع متميز .. كل منهم يريدها من نصيبه .. ثم بكى الرجل حتى رحمته .. خرجت من عنده وانا اردد " مااغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانية " فعلا .. احب الناس اليه بعد موته سيجتمعون فى داره ليقتسموا امواله لا ليقتسموا اعماله .. يموت ويتبعه ثلاثة .. اهله وماله وعمله .. يرجع الاهل والمال ليتمتع بها غيره ..وهو الذى جمعها .. ويبقى عمله نعم يبقى عمله .. فماالعمل الذى سيبقى معه ؟؟؟؟؟؟ .. ويدخل معه قبره ؟؟؟ .. قيام ليل ؟ صدقات ؟ بناء مساجد ؟ ام تساهل بالدين .. ومتابعة قنوات .. ومجالسة فجار ..ولا يظلم ربك اجدا " من اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "